السبت، 22 أغسطس 2009

" لحن النجاة"








" إهداء إلى شاعر بين التراب وسدرة الكلمات "


عند اكتئاب الغيم يغمرنا المطر
ساءلته : ماذا جنيت من ارتدائك
ثوب إنسانٍ وتنميقِ الكلام ؟
لم تلفت الأنظار
لم تصحب البستان نحو
حدوده الأولى
ولم ترسم حجر

ناولتني طرف السماء
وربما علمتني فهم النجومِ
وصحبةَ الظلمة
لكن ,
لماذا لم تضعني خلف جدران الحكاية
في غموض المنزل المهجور
إذ يعطي التندر للصغار
لكي يكبلهم بشوقٍ لاجتياز السور ؟
لماذا لم تمثل في زحام شوارعي
إلا بياض عقودِ فلٍّ
في إشارات المرور ؟

كم غنيت
لم تعبأ بمن فهموا ومن لم يفهموا
وسمعتُ صوتَك
حين قلتَ لطفلك المحجوبِ خلفَ ستارِ نفسك :
" لا تكدر صفو ماءِ البحرِ بالألغاز
دوركَ سوف يأتي في القصيدةِ
عندما يعطي الظلامُ بشارةَ
الضوءِ الأخير
قد ترسو على مينائنا
سفنُ الخلودِ ونحن ننتظرُ الفناء "
كنتَ الفداءَ لكل من عشقوا
وكنت السنبلات الخضر
في صحراء من حلموا

" لا لن تكوني آخرَ الأحزان "
قلتَ وأنت تلتمسُ البقاءَ بعينها
حاولتَ نسيان الهموم
وهِمتَ حولَ سياجها
أقسمتَ للعين انتهاءَا
كذبتكَ بدمعها

ها أنت تبدأ من جديد
عاودت صنعكَ للشباكِ
لكي تحوزكَ مغنما
أوكلما أرغمتَ بالبعد القصيد
قصدتَ قربًا مرغما
اصمد فتطهيرُ الجروحِ
يكونُ دومًا مؤلما

عند اكتئاب الغيم يغمرنا المطر
مازلتَ تنشدها وترشدها
خلال مخيماتِ اللاجئين
مازال ضوءُ الشمس يسطع
من يديك مزخرفًا بدعاء يوشع
يعتلي ظهرَ الدفاتر طامسًا صور الدمار
من الخليل إلى جنين
مازلت تدّكِرُ اصطفاف الأنبياءِ
وترسمُ المعراجَ نحو سماءِ شعرك
تستظلُّ بسدرة الكلماتِ
من حينٍ لحين

عند اكتئاب الغيم يغمرنا المطر
ما بين أنقاض المساجد والكنائس قد وجدتك
كالعراق على جبين الموت
وشمًا للحياة
ووجدت فيك مياه دجلة والفرات
تبخرت سحبا من الشعر المعتق
فوق أهداب الفلاة
ووجدت قاربنا الجديد
على غصون الأرز في بيروت
يجري بين أمواج الدماء
مؤلفًا
لحن النجاة

لم تخرج الأوراق من سردابها
كلا
بحبرك أخرجتك
أوقدت نار الشعر تبغي نسبة
ونسبت لما أحرقتك
فعلمت أنّ حياتنا الدنيا تمزق ثزبنا دومًا
بدعوى
هيت لك

عند اكتئاب الغيم يغمرنا المطر
لتعامد الأضداد
كنت تعانق اللون الموحد
في الشروق وفي الغروب
ورأيت أنّ وقوفنا وسط الصفوف
هو الدليل على الهروب
فرحلتَ عن لغة الجنوب
وما رحلت عن الجنوب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق